الفلاح ماري

كتب دستويفسكي هذه القصة في عام 1876. وهي تعد القصة الوحيدة بمصاحبة «ذكريات من منزل الأموات» التي تحدث فيها الكاتب عن الفترة التي قضاها في سيبيريا محكومًا عليه بالأشغال الشاقة. إنها قصة قصيرة وصغيرة في حجمها تعد بمثابة نوع من التأمل السكري لدستويفسكي حول الطبيعة البشرية. لا يمكن أن تمر قصة واحدة لهذا الأديب دون أن يقدم لنا مفهومًا عن الطبيعة البشرية وتناقضاتها وحجم التعقيد الهائل بها فهي كون وعالم كامل. يقدم لنا دستويفسكي في هذه القصة إيمانًا حقيقيًا بالإنسان مهما انحطت صورته وظروفه فيظل لديه القدرة على مفارقة الطبيعة والواقع... إنه ليس خاضعًا لحتميات طبيعية أو بيولوجية أو سلوكية بل لديه تلك القوة التي تدفعه لفعل غير متوقع، حتى وإن لم يستخدم هذه القوة والإمكانية في غالب الوقت إلا أنها لديه وتظهر في بعض الأوقات. إن الإنسان لدى دستويفسكي لا يمكن وصفه بالمادية... إنه مخلوق معقد لديه دوافع عديدة روحية، ولا أقصد هنا بدوافع المعنى النفسي المباشر الذي يجبر الإنسان على فعل ما، فدستويفسكي يصر دائمًا في قصصه على تلك الهبة الممنوحة للإنسان من الحرية.